تأتي زيارة الرئيس محمد حسني مبارك إلي الولايات المتحدة في ظروف مواتية يمكن أن تفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات بين الدولتين يستطيع من خلاله النظام المصرى أن يطمئن على مستقبله و تستطيع الإداره الأمريكيه الجديده أن تنفذ سياستها الجديده.
مشهدان متقاربان لشخص واحد ..... لكن لكل منها رد فعل مختلف ، مختلف لأن الأطراف مختلفان.... فالفارق بين إيران و الولايات المتحدة الأمريكية عند النظام المصري كالفرق بين سواد الليل و ضوء النهار .
(1)
اعتادت الأفلام الأمريكية منذ سنوات بعيدة على الإساءة للعرب والمسلمين وتصويرهم إما بشكل شعوب همجية أو إرهابية بالإضافة إلى الاستهزاء والسخرية من عاداتهم وتقاليدهم ، وتضمنت عشرات الأفلام الأمريكية مثل هذه الإساءات مثل فيلم "المتحولون" و"يوم الاستقلال" و"أكاذيب صادقة" وعشرات غيرها.
واستمرارا لمسلسل الإساءة للعرب و مصر بشكل خاص تضمنت أحداث فيلم أمريكي عرض في دور السينما الأمريكية و بعدها في السينما المصرية عنوانه "i love you man" من إنتاج شركة "دريم ووركس بيكتشر" الأمريكية إساءة بالغة لمصر والرئيس الراحل محمد أنور السادات تجازوت جميع الحدود.
ويظهر في الفيلم البطلين "بيتر" و"زويي" حيث يمسك بيتر بكلب، ويقول له صديقه زويي: كلب لطيف، ما اسم هذا الكلب؟ فيرد بيتر: انور السادات.
فيقول له زويي: من هذا؟
فيجيبه بيتر: انه رئيس مصر السابق.
فيسأله زويي: هل كان رجلا عظيما؟، أم أن هذا بسبب ارائه السياسية؟.
فيرد عليه بيتر: لا ، لكنه يشبه هذا الكلب.
وفي المشهد التالي يظهر بيت الكلب الخشبي وعليه صورة الرئيس الراحل انور السادات.
حينما رأيت هذا المشهد بلا شك شعرت بالإهانة ، حتى و لو كان الرئيس السادات ممن اشك في الكثير من مواقفه و رؤاه لكن حينما تنظر إلى شخص كان رمزا لبلادك في وقت ما و تراه يشبه " بالكلب " يتغير الموقف لديك و تشعر بالإهانة و بصغر حجمك و ضعفك الشديد وما و صلت إليه كرامتك من ضعف و مهانه.
أول ما خطر في ذهني بعد أن رأيت هذا المشهد أنه في مثل هذا الوقت من العام السابق كانت الصحف المصرية و المجتمع الرسمي المصري يموج في بحر من الحديث و الكلام عن إهانة مصر و رئيس مصر و شعب مصر على يد إيران و القناة الإيرانية بما فعلته من إنتاجها و تقديمها للفيلم الوثائقي " إعدام الفرعون" و الذي سبب حينها في زيادة الفجوة بين النظام المصري و الإيراني و أعتبره الساسة المصريين منطلقا لتشويه صوره إيران و حزب الله لدى المواطن المصري .
ولا أخفى عليكم بأني إنتظرت اليوم بعد اليوم و نظرت في الجريدة تلو الجريدة و لم أقرا أو تقرأ عيني حديثا رسميا عن واقعه إهانة رمز من رموز مصر في فيلم أمريكي و تشبيهه " بالكلب " أو قيام النظام المصري بتقديم شكوى للرئيس باراك أوباما أو صدور بيان شديد اللهجة من وزاره الخارجية كما فعلت في مع الفيلم الإيراني"إعدام الفرعون " للسفارة الأمريكية و قطع العلاقات المصرية الأمريكية أو غلق مكاتب وكالات الأنباء الأمريكية كما فعل النظام المصري مع فضائية "العالم" الإيرانية كل هذا لم يحدث و بدر إلى ذهني السؤال الأتي : لماذا أختلف رد فعل النظام المصري بالنسبة لمشهد " الكلب الأمريكي " بالمقارنة بفيلم" "إعدام الفرعون " الإيراني مع أن العنصر الأساسي في المشهدين واحد؟؟؟ .
(2)
العلاقة بين النظام المصري و النظام الأمريكي أكبر من أن توقع بينهما أزمة فيلم حتى و لو كانت الإهانة بحق رئيس مصر السابق أنور السادات و في عهد نائبه حسنى مبارك بالمقارنة بسياسة نفس النظام مع إيران و التي يقاطعها و يمتنع عن التعامل معها بسبب إسم شارع في طهران أو مظاهره أمام السفارة المصرية في طهران أو إنتاج فيلم وثائقي يتحدث عن حقائق تاريخية لا يدخل فيها إهانات أو نعت فيها نفس الشخصية "بالكلب " .
يدخل أساس اهتمام الإدارة الأمريكية بدور مصر مرتكزا على دورها الإقليمي فخلال السبعينيات لعبت الإدارة المصرية دور الحليف الثاني للولايات المتحدة في المنطقة بعد إسرائيل وفي الثمانينيات طور نظام مبارك علاقاته ب"إسرائيل" بحيث لعبت دور المدخل الذي ولجت من خلاله إسرائيل إلى المنطقة، وفي التسعينيات مثلت مصر حجر الزاوية فيما أطلق عليه وقتها عملية التسوية الشاملة لقضايا الصراع العربي الإسرائيلي سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي.
في المرحلة الحالية تقف مصر المرتحلة على أعتاب مصر القادمة ، وحيث العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية هي المحدد الأساس في سؤال الوقت في مصر وهو كيف سيكون شكل تلك العلاقات في حالتي التأبيد أو التوريث لنظام مبارك الأب و الابن، ومن خلال طبيعة هذه المرحلة ومعالم التطور فيها سيتحدد شكل العلاقة الذي ينشده الطرفان أو بالأحرى الطور الذي سيكون محصلة لضغط الطرف الأقوى ومقاومة الطرف الأضعف وتوترات الظروف الداخلية والخارجية لكلا الطرفين ومتغيرات البيئة الإقليمية.
و ذلك لأن العلاقات السياسية بين أي دولتين من حيث مداها أو عمقها أو فاعليتها ترتبط بالعديد من العوامل والمصالح والأوضاع سواء كانت الداخلية أو الدولية المحيطة ، و علاقات النظام المصري مع الإدارة الأمريكية حاليا مرتبطة بما تحدده الإدارة الأمريكية في شأن التوريث و مدى قبولها أو رفضها لمن سيخلف مبارك و إزاء تلك الحالة يعمل على وتر القرب لها و التودد لسياساتها و يتقرب إليها بكل السبل و يعلم جيدا أن الطريق إلى البيت الأبيض يبدأ من تل أبيب و ليس من واشنطن .
إزاء وضع كهذا يصبح من الطبيعي ما نراه و نشاهده من تعامل النظام المصري مع الشأن الإيراني ،طالما كانت العلاقات الأمريكية الإيرانية علاقات متوترة فتصبح علاقة القاهرة بطهران أيضا متوترة بدون النظر لاعتبارات الأمن القومي المصري و الذي يجعل من علاقة مصر بإيران علاقة إستراتيجيه ذات أبعاد مختلفة من الخطأ التعامل معها على كونها خطر على أمن مصر بالمقارنة بتعامله مع الكيان الإسرائيلي .
لذا لم تعد مواقف نظام مبارك الآن في حاجة للتحليل والتخمين فقد اختار سياسة الانحياز التام للصف الصهيو أمريكي ، وكان آخر هذه السياسات المواقف الأخيرة من العدوان على غزة، والاستمرار في حصار الشعب الفلسطيني في غزة، وها نحن نرى التناغم الكامل في السياسات ضد إيران والتصريحات التي تصدر من الجانبيين حول توحدهم في مواجهة الحركات الإسلامية.
(3)
لكل دولة مصالح قومية عليا تتحدد في ضوئها جملة سياساتها مما يسمى أمنها القومي، بما يحفظ بقاءها وأمنها وتماسكها وجملة مصالحها في توفير العيش الكريم لشعبها. وتتحدد تلك المقومات تحديدا موضوعيا مرعيا فيه قبل كل شيء مصلحة المحكومين الحاضرين والقادمين وليس فقط الحاكمين، تحديدا يضبط بدقة الأخطار المتربصة بتلك المصالح العليا، على موارد عيش الناس الأساسية وعلى سيادتهم على أرضهم، ويعني ذلك وقبل كل شيء التحديد الدقيق للعدو.
و السؤال : هل هناك وجه مقبول للنظر إلى إيران بدل أمريكا و إسرائيل على وجه الخصوص على أنها الخطر الرئيسي المهدد للأمن المصري ، أي أنها العدو الإستراتيجي كما يروج النظام المصري ذلك؟.
تجدر الملاحظة أن إيران رغم أنها كانت زمن نظام الشاه قوة إقليمية عظمى وسيفا مسلطا على رقاب المنطقة حتى احتلت جزرا إماراتية، وكان مقتضى الجوار ومصلحة إيران الإسلام ذاتها أن ترد تلك الجزر إلى الإمارات، ومع ذلك فإنه لا أحد من الإماراتيين ولا العرب حرك ساكنا، بل كانت إيران الشاه شرطي الخليج دولة مقبولة جدا في الخليج، لم يزعج أحدا، لا توسعها ولا قوة جيشها المرعب ولا قوة النفوذ الصهيوني والغربي فيها ولا حتى طموحها النووي الذي شرعت فيه، فما الجديد حتى يتم تقديمها لشعوبنا ليس مجرد عدو بل العدو، فترفع عداوتها إلى القمة؟
هل المزعج في إيران أنها قدمت الدعم لحزب الله وللمقاومة الفلسطينية وهما فصيلان عربيان و مصر والدول العربية كانت هي الأولى وما الذي منع مصر و باقي الدول العربية من ذلك وأموالها لا تكاد تحصى وفرة، لسد الباب في وجه النفوذ الإيراني أو الشيعي.
هل مبعث العداء لإيران أو الخوف منها هو الخشية من تطوير برنامجها النووي في اتجاه عسكري؟ رغم أن إيران ما تفتأ تؤكد التزامها بالاستعمال السلمي المسموح به دوليا، ورغم أن هذا الموضوع متابع من أقوى أجهزه المخابرات الأمريكية و الإسرائيله فضلا عن الغربية ، وعلى افتراض أن إيران تناور، وقادرة على خداع الجميع، فما الذي يزعج مصر و باقي الدول العربية من ذلك؟
بل وضح جليا أن أكثر الجهات قلقا هي الولايات المتحدة و الكيان الصهيوني ، بينما لا تبدو مصر قلقا مماثلا من امتلاك الكيان الصهيوني مئات الأسلحة النووية مع أن الأقرب إلى المعقول أن ذلك من شأنه أن يصنع توازنا يخدم إعتبارات الأمن القومي المصري ، و ذلك ما يرفضه بكل شدة الصهاينة حرصا منهم على الانفراد بهذا التفوق باعتباره رأسمالهم الأعظم .
(4)
وفي النهاية أرجوا أن أكون قد أجبت على السؤال بحيث يكون قد أتضح لدى القارىء الفارق بين مشهد " الكلب " و مشهد " الفرعون" .
هو أكثر من حضور في إحتفال واحد أو ظهور ثنائي على منصّة واحدة ، فاستثنائية التوقيت، وخصوصية الملابسات، وطبيعة الظرف، ترسم في مجملها مشهداً يحمل تأويلات سياسية لا تخطئها العين.
فما كان لافتاً في إحتفال السفارة المصرية ممثله بالسفير المصري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو و الرئيس الإسرائيلي بيريز بثوره يوليو جملة من العناصر ذات الدلالة العميقة على صعيد الشكل وعلى مستوى المضمون.
فمن الناحية الشكلية؛ بدت "لغة الجسد" التي صاحبت هذا الإحتفال و الإدلاء بالمواقف و التصريحات الذي رافقته وكيفية ظهور الرئيس الإسرائيلي و رئيس الوزراءو هم يشربون نخب الثورة المصرية و الخطاب الذي ألقاءرئيس الوزراء الإسرائيلي فائقة الدلالة.
لم يكن هذا الإحتفال بما صاحبه من حمله إعلاميه كبيرة و إظهارا صور تقطيع كعكه علم مصر و نخب الثورة سوى التعبير عن رسالة ضمنية موحّدة من جانب القاهرة و إسرائيل، بأن هذا الوقت هو أفضل الأوقات على الإطلاق في التعاون بين نظام مبارك و النظام الإسرائيلي .
في ظني أنه ليس هناك في تاريخ العلاقات المصرية –الإسرائيله و التعاون فيما بينهما من رمزيه تدلل على مدى التقارب و التفاهم و التعاون كما يحدث في أيامنا هذه.
و كان مشهد تقطيع "كعكه علم مصر " أُثناء إحتفال رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو و الرئيس الإسرائيلي بيريز مع السفير المصري بثوره يوليو هو المعبر عن حاله الإنسجام هذه .
والمشهد من زاوية تحليل عناصره ومفرداته ورمزيته، لن نجد صعوبة في فهم مغزى فرحة نتنياهو وبيريز.. وهم يقطعون بالسكين تورتة مرسوما عليها علم مصر، ولن نجد صعوبة في فهم مغزى نظرات بيريز للسفير المصري وهو يلتهم قطعة التورتة التي ترمز لمصر ثم يبلعها بكأس ويسكي.
ونحن لا نعتب على السفير المصري في تل أبيب الذي غابت عنه رمزية الموقف ولا نعتب عليه لأنه احتفل بذكرى الثورة مع اثنين من عتاة المجرمين الصهاينة.. فهو ليس سفير مصر لدى إسرائيل في بداية الخمسينات أو منتصف الستينات ، بل سفيرها لدى إسرائيل عام 2009م.
أي بعد أن أكلت الثورة أبناءها وانقلبت على ثوابتها وبانت حقيقتها وتخلصت من شعاراتها وتخففت من مسئولياتها ووعودها الضخمة وبريقها الزائف.
وبعد أن نسى نظام مبارك و نسينا وتناسينا جراحاتنا وشهداءنا، وبعد أن نسينا المقابر الجماعية لأسرانا، وكيف كان اليهود يبيعون أعضاء الأسرى المصريين قطع غيار وكيف كان طلبة الطب في إسرائيل يستخدمون أجساد أسرانا في مختبرات التجارب.
لن أعتب على سفير مصر في تل أبيب الذي غابت عنه رمزية المشهد الذي التهم فيه نتنياهو وبيريز " تورتة مصر " على شرف الاحتفال بذكرى ثورة يوليو.. فأنا أشفق على نفسي مشقة تفسير أسباب العتب، وإن كنت أندهش لسذاجتنا وطيبتنا الزائدة.. مقابل مكر وخبث ودهاء قادة اليهود.
والذكرى التي يحتفلون بها في منزل السفير المصري لها مغزى، وطريقة الاحتفال لها أكثر من ألف مغزى، وما ألمنى أنهم اختصروها في مشهد لم يستغرق ربع الساعة ما حدث بعد فبراير 1980م.. " أول خطوة حقيقية على طريق التطبيع " وحتى يوليو 2009م في ملهاة لا تخفى تفاصيلها عن مبتدئ في قراءة التاريخ.
ولسنا في حاجة لأن نعذب أنفسنا ونحن نشاهد بيريز ونتنياهو يلتهمان التورتة المرسوم عليها علم مصر بتذكر ما ضاع من فرص وما قدمنا من تنازلات وما حصلت عليه إسرائيل من هدايا تكاد تكون مجانية وبلا مقابل.
لا داعي لأن نعذب أنفسنا بتذكر إنجازات إسرائيل ونجاحاتها على حساب دور مصر وتأثيرها في محيطها العربي والإسلامي، ليس هذا فحسب بل على حساب ثرواتها ومخزونها من الطاقة.
فليس غريبا على العدو الصهيوني أن يكذب لأنه في الأصل كذاب.. وليس غريبا عليه أن يمكر لأنه في الأصل ماكر.. وليس غريبا على هذا العدو أن يخدع ويناور لأنه في الأصل خادع ومناور وليس غريبا عليه أيضا أن يقوم باغتصاب الأرض وإقامة المستوطنات الصهيونية فوقها لأنه في الأصل مغتصب.. وليس غريبا عليه أن يستمر في إرهابه وجرائمه لأنه في الأصل إرهابي ومجرم.
لكن الغريب أن يحتفل بثورة 23 يوليو المجيدة التي قالت لهذا العدو .. "لا تفاوض"، " لا صلح"، "لا اعتراف"، فمسألة الاحتفال في إسرائيل بثورة يوليو ليست بجديدة ففي كل عام يقوم مسئولو السفارة المصرية في تل أبيب بتنظيم حفل حاشد يتم توجيه الدعوة فيه لكبار المسئولين والشخصيات العامة في إسرائيل للحضور، ومعظمهم لا يتردد في قبولها بل يصر علي المشاركة، ومنهم عدد كبير يعرف عنه تبنيه مواقف سلبية ضد مصر، لكن قبول المشاركة يمكن القول بأنه يأتي في المقام الأول كمحاولة للإبقاء علي علاقات هادئة بين القاهرة وتل أبيب، كما يعتبر إجراء بروتوكولى دبلوماسي شأنه شأن حضور أي حفل تنظمه سفارة أجنبية أخري في إسرائيل.
لكن الغريب في إحتفال هذا العام بأنه جاء بكل تلك الحفاوة و هذا الإنتشار الإعلامي الواسع و التغطية الإعلامية الكبيرة على مستوى الفضائيات و على مستوى الإخبار و في صدر الصحف و كأنه أريد له أن يكون بتلك الطريقة و قد جاء هذا الإحتفال وموقف النظام المصري من قضايا الصراع العربي الإسرائيلي في أقل درجاته على الإطلاق بالمقابل من موقفه و تعاونه مع حكومة بنيامين نتنياهو برغم ما قدمته على صعيد عمليه السلام و برغم التصريحات المتشددة من وزراء تلك الحكومة بحق مصر و بحق رئيس النظام المصري .
مشاهد عده كانت خلف صوره تقطيع كعكه علم مصر فيما بين السفير المصري و الرئيس و رئيس الوزراء الإسرائيلي ، و ما كان هذا المشهدليظهر لولا أن سبقه العديد من المشاهد فهو نتيجة طبيعيةمترتبة على العديد من المواقف التي سبقته .
إن تحليللى حول الثورة و إجاباتي على الأسئلة التي قدمتها هي بلا شك معرضه للخطأ قابله للرفض و النقض و مقارعه الحجة بالحجة و لي أن انوه بأني لست ممن يكرهون جمال عبد الناصر بقدر ما كرهوا أفعاله و مواقفه الغامضة عندي ، بقدر ما كرهوا الإنحلال في عهده و عهد الثورة ، بقدر ما كرهوا المعتقلات و السجونو القتل و التشريد ، بقدر ما كرهوا الهزائم و الانتكاسات في عهده .
الولايات المتحده الامريكيه و إيران ...ما بين التقارب و التباعدما بين التقارب و التباعد تقف قضايا وملفات بين الولايات المتحده الامريكيه و إيران و العامل الوحيد الذى يستطيع ان يجعل من البعيد قريب هو عامل المصلحه بين الطرفين ......اناقش فى تلك الدراسه عامل المصلحه و دوره فى تقارب الولايات المتحده و إيران من خلال قضايا التقارب بين الطرفين ( افغانستان-العراق-النفط) و قضايا التباعد بين الطرفين (النووى الايرانى -التهديد الايرانى لاسرائيل -النفوذ الايرانى فى المناطق الخلفيه)
كل كلمه في هذا المقال تعبر عن رؤية شخصيه لكاتبه ...عليك أن تتذكر ذلك.
(1)
نهج اسلوب الأحزاب السياسية
( من صور الانحراف أن ننهج اسلوب الأحزاب السياسية و نعنى بذلك تغليب عنصر السياسةفي اسلوب العمل بحيث يطغى على غيره كالتربية و نشر الدعوة و الجهاد أو أن نهتم بالكم لا بالكيف على طريقه الأحزاب السياسية بهدف نيل اكبر عدد من الأصوات في الانتخابات أو اكبر عدد من ا لمظاهرات و نحوها .
و هذا لاشك إنحراف خطير في الأساس الذي يقوم عليه البناء فليس القصد كسب من يعطينا صوته في الانتخابات و لكن الأصل أننا نريد من يعطينا نفسه و مالهفي سبيل الله ، نريد من يصبرون و يضحون و يثبتون و يتحملون أعباء الدعوة و العمل و يقدرون المسئولية و عظمها و الامانه و ثقلها .
نريد طلاب أخره لا طلاب حكم و مناصب دنيوية كما هو الحال في الأحزاب السياسية ، نريد من يقومون بأمانات الحكم الاسلامى بكل ورعه و زهده و الالتزام به ، لا هؤلاء الذين تغيرهم كراسي الحكم و ينسون ما كانوا ينادون به و يرفعون من شعارات ).
ما زلنا مع طريق الدعوة بين الاصاله و الانحرافالكتاب المقرر على الكثيرين من أفراد الصف الإخوانى و الذي تبتغى الجماعة لهم من خلال دراسته إبصار الطريق الصحيح و الابتعاد عن الإنحرافات و اللإنزلاقات التي تبعدهم عن سبيل الدعوة ما ذكرته عاليا هو من صور الانحراف عن العمل و الخاص بالفصل الرابع من الكتاب ، و نهج اسلوب الأحزاب السياسية في العمل هو من المخاطر و من الانحرافات التي يراد عدم الدخول فيها و إنتهاج سبيلها .
(2)
أيقنت بعد دراستي لهذا الموضوع بأن تلك الأفكار حقا كما ذكرت في مقالي الأول شديدة الابتعاد بين ماهو مكتوب و ما هو معاصر و من خلاله دراسته نخرج من العصر الذي نعيشلسنوات مضت و ازمنه انتهى فيها العمل بهذاالاسلوب فهو بعيد كل البعد عن الحداثة و صورها و عن انتهاج الأساليب الجديدة و نظمها ولابد للجماعة التي تريد أن تتعايش في القرن الحادي و العشرين أن تعمل بأفكار القرن الحادي و العشرين وفق مبادئها و قيمها .
و يعجب المرء كثيرا لأننا و في هذا الوقت نعلم أفرادنا مثل تلك الأفكار ظانين بأننا هكذا نكون قد حافظنا عليهم و على أفكارهم و على معتقداتهم و حافظنا على أصر التواصل و الترابط بين أفراد الصف ووجهناهم إلى الطريق الصحيح في العمل لله .
فنعرفهم و نعلمهم أن العمل لله من أوائل صور الانحراف فيه أن نعمل كحزب سياسي أو أن ننهج أسلوب الأحزاب السياسة في العمل هكذا يتحدث الأستاذ مصطفى مشهور و هكذا يدلنا هذا الكتاب .
إن مثل تلك الأفكار و المعتقدات أولا : متناقضةمع ما تبتغيه الجماعة في القيام بإنشاء حزب سياسي كذراع للعمل السياسي لها و هو ما جعلني في حيرهفمن أين نطالب بإنشاء حزبسياسي و من أين نعلم أفرادنا بأن نهج اسلوب الأحزاب السياسية من صور الانحراف عن العمل لله .
ثانيا : غياب عن الواقع الذي تعيشه الجماعة و محيطها فلا وزن ولا قيمه لاى فصيل من فصائل العمل على الساحة إلا بوجود هيكل سياسي يحدد الملامح و الأطر و البرامج و المشاريع التغييريه التي تبتغيها .
ثالثا :معارض تماما لماتبنته الجماعة من السعي وراء التغيير عبر النضال الدستوري و الطريق السلمي فكيفنستطيع أن نؤهل أفرادنا للعملو المشاركةفى إصلاح المجتمع و المشاركة في الحكم و نحن نخرج من أذهانهمبدايات و مفردات المشاركة السياسية و العمل السياسيو هيالطريق الحزبي .
رابعا : نضع في أذهان أفرادنا فكره خاطئه و مغالطه عن العاملين في مجال الأحزاب السياسية و نعطى لهم نظره سوداوية عن الأحزاب و أساليبها .
خامسا : تلك الأفكار تعطى ذريعة للنظام الحاكم و القوى الحاقدة لإظهار الجماعة بصوره سيئة و مقيتة بل بأيدينا نحن نعطيهم الدليل على ما يتحدثون عنه من نظرتنا لغيرنا من أصحاب الايدولوجيا المختلفة و الرؤى الغير إسلاميه و دعاية مجانية من أننا حين نتصدر موقع القيادة سنقصى الغير و لن ننزل عنه .
سادسا : مثل تلك الأفكار لتعطى دليل لما يحدث في الجماعة من صراع بين الدعوى و السياسي و بين الإصلاحيين و المحافظين و خصوصا لأنها أفكارالأستاذ مصطفى مشهور و هو قطب من أقطاب ما نستطيع أن نطلق عليهم محافظينفي الجماعة .
و لكن السؤال
لماذا دائما نضع أمامنا تلك التجارب الفاشلة القاتمة الخاطئه من تجارب الأحزاب السياسية في عصر الإمام البنا و رأيه فيها حينما كان النظام ليس كالنظام و العصر ليس كالعصر و الوضع ليس كالوضع ؟؟؟
لماذا دائما عندما نضرب مثالا لشيء نضرب مثالا بالاسوء...و هل كل الأحزاب السياسية ذات طريق منحرف ؟؟
إذن فلماذا قامت الجماعة بإنشاء أحزاب لها في المغرب و الأردن و اليمن و العراق وغيرها ؟؟؟
بل لماذا شاركت في الحكم في العراق و الجزائر و المغرب عن طريق الأحزاب السياسية؟؟
و هل تربى أفراد الإخوان المسلمين على هذه الأفكار و المعتقدات في تلك البلدان ؟؟؟
و هل أفراد الجماعة فيتلك البلدان منحرفين عن طريق العمل لله ؟؟
أم أن تلك الأفكار و المعتقدات خاصةبأفراد الإخوان فىمصر فقط ؟؟؟
(3)
ليسوا منحرفين ، ليس كل من نهج أسلوب الأحزاب السياسية منحرف عن طريق العمل لله ، ولا أخفى بأننا في هذا الوقت مطالبين قبل اى وقت مضى بوجود حزب سياسي للجماعة تستطيع من خلاله أن تشارك في الحياة السياسية و أن تخاطب به المجتمعات و الهيئات الحكومية و غير الحكومية نستطيع من خلاله أن ننفتح على العالم و نخرج من عالم الضيق و الإنغلاق إلى عالم السعه و الهواء الطلق .
و نحن نريد أن نحكم و نريد أن نصل إلى مناصب القيادة في هذا البلد لان هذا الدين لن يصل و لن يعلوا إلا إذا حكم فإذا أريد للإسلام أن يعمل فلابد أن يحكم فما جاء هذا الدين لينزوي في المعابد و الصوامع و لا ليستكين في القلوب و الضمائر و إنما جاء ليحكم الحياة و يصرفها و يصوغ المجتمع وفق فكرته الكاملة عن الحياة لا بالوعظ و الإرشاد و تربيه النفس و ترقيق القلوب و فقط بل كذلك بالتشريع و التنظيم ، و التنظيم و التشريع لا يأتي إلا عن طريق مؤسسات الدولة و مؤسسات الدولة لن نصل إليها ما دمنا هكذا .
و نحن نريد أن نستقطب عدد كبير من الناس إلينا و إلى أفكارنا حتى و لو لم يكونوا معنا في الجماعة لان اى فكره لا تستطيع أن يقوم قادتها و معتنقيها و هم بمعزل عن الناس إنما تتحقق الأهداف من خلال استقطاب اكبر عدد من الناس لتنفيذ هذه الأعمال و للقيام بهاو كلما ازدادت قدرته على ذلك ازدادت امكانيه الفعل لديهو إمكانية التأثير ، ازدادت لديه القوة و العصمة، وإزداد لديه الحجة و المنطق و إزدادت لديه أماكن الانتشار و الاتساع و الدعوة أيضا .
إذن فكيف لا نهتم بالكم و كيف لا نهتمبالحصول على عد كبير من الأصوات في الانتخابات و أصوات الناس هي القادرة و حدها على أن تعطينا الحصانة و القوة مع عمق منهجنا و قوه حجته لان الحق فيأيدينا و الحقيحتاج إلى قوة حتى تحافظ عليه .
و نحن طلاب أخره عن طريق هذه الدنيا ، عن طريق العمل على إنجاح حكم هذا الدين في الدنيا بينما الابتعاد عن مجالات الحياة و عن الانتشار الحقيقي في المجتمعات و الهيئات و المناطق المؤثرة في حياتنا بحجه الحفاظ على تماسك الصف و عدم إنحرافه عن طريق العمل لله و الابتعاد بالعاملين عن مواضع الفتن لهو مؤشر خطير يشير إلى التخلف و التبعثر و فقدان التوازن .
(4)
إن الانسياق التام وراء رأى من الآراء أو فكره من الأفكار لمجرد أن قال هذه الفكرة أو هذا الراى أخ كبير أو أستاذ فاضل و إفتراض استحالة أن يخطأ أو أن تكون تلك الرؤية قاصرة أو غير واضحة لهو من الابتلاءات التي ابتلينا بها هذه الأيام و هذا هو عين ما ذمه الله في كتابه إذيقول " مالهم به من علم إن يتبعون إلا الظنو إن الظن لا يغنى من الحق شيئا "و هذا هو النمط القاتل من التفكير .
حول قضيه حزب الله ... تلك القضية التي أصبحت مسار حديث و جدل رجال السياسة و المشهد السياسي في مصر و منذ ما يقارب الأسبوع لا تجد مجله أو صحيفة أو قناة و موقع للأخبار إلا و مشهد الازمه بين حزب الله و النظام المصري بارزه على صفحاته الرئيسية لابد ان نوضح عده نقاط