يا مصرى ليه

Tuesday, May 20, 2008

المقال الاسبوعى

المواطن مصري

بقلم / ابو مفراح

كلما وقعت عيناى على تلك القصة و مشاهدها تذكرت ما يحدث لنا ليل صباح من ماسى و مصائب تنتابني رعشه كلما اخترقت اذناى موسيقاها الحزينة التي بلا شك أيضا لها من الألحان ما تلمس ما نعيشه و نحياه في مصر .

الأرض و القهر و التضحية ...أبطال تلك القصة التي لم يفارقوا مشاهدها نراها بوضوح و نتلمس مواضيعها و كأنها جاءت من رحم الواقع المرير واقع المواطن المصري.

<<<<<<<

الأرض ..ذلك المصطلح الذي أصبح ملمحا أساسيا من ملامح الشخصية المصرية و المكون الاساسى لاى نظام سياسي بحيث تكمن مدى قوة اى بلد في مدى احتفاظها و بسط سيطرتها على أراضيها ، و الأرض هي الحاضنة لأهلها و مواطنيها و منها تأتى أهم أسباب الحياة و في سبيل الحفاظ عليها تضحى بالأرواح و الأنفس و الغالي و الرخيص .

و منذ الآلاف السنين و المصري يحافظ على أرضه التي يعيش عليها المتجسدة في وطنيته و انتماءه وخوضه الحروب تلو الحروب في سبيل أن يحقق لها الحرية و أن يوجد لها الكرامة و يشهد القاصى و الداني بمدى تعلق المواطن المصري بأرضه ووطنه و أصبح المثال يضرب في الانتماء بإنتماء المصري لأرضه .

إلا انه و في خلال أكثر من ستة و عشرون عاما استطاع النظام الاستبدادي أن يجعل الانتماء لمصر خرافه و حب الوطن اسطوره يتحاكى عنها ، أصبح في عهده الانتماء للأرض و الوطن من ملامح التاريخ ، انتهى من النفوس بتعمد أو بغير تعمد كل معاني كرامه الوطن و الغيرة عليه .

<<<<<<<<<<

و الأرض تعنى الفلاح ، و الحركة الفلاحيه في مصر لها تاريخا وواقعا و حركه نضالية ليس هذا المقال ساحة للحديث عنها و إنما هذا التاريخ و ذلك النضال وقع تحت دائرة الإذلال و الإخضاع من قبل النظام الحاكم و ما يحدث للفلاح المصري لهو شاهد الإثبات على اغتيال الفلاحة و الفلاح من نهب منظم لأمواله و قوته و ارتفاعا جنونيا في أسعار الفوائد و الاسمده و التكاليف و النهاية في عدم شراء محصول الفلاح و استبداله بمحصول الاجنبى .

من ذا الذي يجروء على القول بان هؤلاء الملايين من الفلاحين الجياع العراة الحفاة الذين تأكل الديدان أحشاءهم و ينهش الجوع بطونهم و تمتص الحشرات دماءهم ناس يتمتعون بكرامه الإنسان و حقوق الإنسان و هم أول من يصنعون لهذا البلد معنى الكرامة و الاحترام و التقدير .

لقد قتل هذا النظام الفلاح المصري بدم بارد بدا بإنتشار ثقافة أن الفلاحين هم سبب المصائب و أنهم هم أذل و أحقر المصريين و أن من يخرج من عباءة الفلاحين خرج ناقصا لأهليته و لكرامته و لوطنيته و انتهاءا بتحميلهم المسئولية عما حدث من تدهور و تأخر و فساد للنظام الزراعي في مصر .

لقد وقع الفلاح المصري بين فكي الرحا و أخذت النظم المستبدة الواحدة تلو الأخرى تسحب البساط من تحت قدميه و تلقى به في مهبات الرياح أفرغته من أبجديات الولاء و الانتماء لأرضه ووطنه سهلت له الطريف للانحراف ... انحراف في محصولاته الزراعية التي أشبعتها المبيدات المسرطنه و الكيماويات و انحراف في أخلاقيات الريف الطيبة .

<<<<<<<

والفلاح يعنى الزراعة و الزراعة تعنى الغذاء و الغذاء يعنى الشعب و الشعب هو البلد .. تلك هي السلسلة التي فقهها المستعمر و فقهتها الدول الغربية في تعاملها مع البلدان في العالم الثالث و في مقدمتها دول الشرق الأوسط ، و مقوله من استطاع أن يمتلك طعامه و شرابه امتلك فكره و قراره لهى عنوان الحرية السياسية في هذا العصر و هي قلب الواقع السياسي الذي تعيشه مصر .

و حينما نتحدث عن الواقع الزراعي في مصر نجده ملغما وموشك على الانفجار بما يحدث فيه و يمكر له في الخفاء، لقد باتت الزراعة في مصر تقف على أطراف أصابعها و باتت معها البلد على جرف هار توشك أن تنهار .

التقارير و الإحصاءات لهى شاهد المقبرة لهذا النظام الذي أوقعنا فريسة سهله المنال لكل من استطاع أن يقدم لنا حبه شعير أو سنبله قمح تلك السنبلة الاستراتيجية التي تقف أمامها هامات طويلة و تنحني لها الرؤوس تلك الورقة التي تستطيع من خلالها الدول الكبرى أن تلعب بمصائر الانظمه و تستخدمها كورقه ضغط لتمرير مخططاتها و أهدافها في المنطقة و الجميع يعرف أن مصر باتت رهينة لتلك السنبلة الاستراتيجية التي أصبحت تتحكم في قراراتها و تصريحاتها و سياستها الداخلية و الخارجية فما أن ينتشر خبر ارتفاع أسعار رغيف الخبر ( المنتج الاساسى للقمح في مصر ) إلا وترى معها مؤشرات ارتفاع درجه حرارة غليان الشارع المصري و يحس حينها النظام الحاكم بأنه بات يقف على مرجل يغلى تحت قدميه و باتت البلاد كلها مؤهله لان تدخل فى نقف مظلم.

و ازمه رغيف الخبر التي تعانى منها مصر الآن جزء من أزمة دولة فقدت السيطرة على كل شيء سوى إرهاب المواطن لصالح فئة قليلة من المستغلين و مافيا الاحتكار، بينما يقف النظام الحاكم موقف المتفرج و المحلل لأدوات اغتصاب حق الفقراء و المعدومين و مفقودى الدخل و تمتد الطوابير في كل المحافظات أمام الأفران لعشرات الأمتار تبدأ بعد صلاة الفجر في الخامسة صباحا وحتى موعد بدء العمل بالأفران في السادسة في سبيل حصول كل مواطن على 20رغيفا خبز مدعم قيمته جنيه واحد بل و يصير من النساء و الأطفال و العجائز ضحايا .

إن زمام الأمر بتجويع الشعب المصري أصبح في يد الدول المنتجة للقمح لأننا و بكل بساطه لا ننتج إلا ما يكفينا ستة اشهر في السنة فقط ولا نستطيع أن نعتمد على أنفسنا طوال باقي العام و مع الزيادات المستمرة في أسعار السلع الغذائية أصبح الطلب على تلك السلعة الاستراتيجية هي المطلب الاساسى لأكثر من خمسين مليون مصري .

<<<<<<

إن الأرض التي من اجلها ضحى المصري بحياته حتى تعيش بين يديه ولا تفارقه أضحت ألان خرابا و فقرا و ضاعت منها ملامح المصرية و انتهى من طينها روح النبات و الاغضان الطيبة و بدلت بالطين غير الطين و بنبات ليس كالنبات ممتلىء بالمبيدات المسرطنه و الكيماوي القاتل و تكالبت عليها كل الايادى الظالمة بدأ بالنظام المستبد و انتهاءا بخبراءه من الأمريكان و الصهاينة و الانحدار الذي يقع فيه النشاط الزراعي في مصر لهو مظهر طبيعي لانحدار اى سبيل من سبل النهضة و الرقى.

ابو مفراح

20/5/2008

1 comment:

ابراهيم said...

الفلاح المصري تلك القيمة والمكانة والمكون المفقود في حياة الشعب المركب من مدينة وجنوب ودلتا تحكي تاريخ امة لايمكن ان تكون كاملة او تسعي للأكتمال اذا كان جزء من جسمها مبتور انة الفلاح المصري الذي سرقتة الانظمة المستبدة لبساطتة وانكرتتة المدنية المجحفة لطيبتة المفرطة
انة التاريخ ياسادة الذي يجب ان نعرفة ونكتبة ونرسمة وندرسة ونعشقة عندها سنكون امة طبيعية المكونات سليمة الاداء قادرة علي النهضة والادارة والقيادة
اعتذر للأطالة ادعوك لزيارة مدونتي واتمني التواصل الدائم بيننا